كمالٌ ناقصٌ

   

يا جميلةُ
 راهني على اسمٍ آخر
 أنا مجردُ كمالٍ ناقصٍ
 أبارككِ في موتي
 أُحدثُ عنكِ الترابَ بفرحٍ
 أقول: مباركة هي في الحياة والموت
 لأنها تمطر حيث ذهبتْ

أظنُّ سيجارتي هذه
آخر شمعةٍ أشعلها بنزقٍ
وأنا أتذكرُ عطركِ
أجهزُ وصيتي
في زاوية البار
أظنُّ أنني سأموتُ هنا الليلةً
أمام عازفةِ البيانو
وهي تلعبُ بلحنٍ راقصٍ
دون أن تدري
كيف رقصنا معاً
ثم رمينا عطرنا على الأرض
أغلقنا النافذة بقبلتين
حتى لا يحسدنا البحر

أظنُّ أنني سأضعُ قلبي
في زجاجةِ الشيفاز
أغرقها خلف كاسر الأمواج
أنتظرُّ..
ربما تمرينَ من هنا
تنظرينَ من زجاجِ المطبخ
تتأملينَ زرقة الموت في أصابعي

آه كمْ أحبكِّ..
وأنكرُّ عليكِ البكاءَ سراً

لم أولد في بارٍ حتماً
 لكنني كلما دخلتُ حانةً
أضعُ ساقاً على ساقٍ
لأنَّ الله حفظني بما يكفي من الشرِ
وبعثَ خلفي مئةَ ملاكٍ قائلاً:
لا تتركوه وحيداً حتى لا يقتلَ نفسه

لمْ أُولد في بارٍ حتماً
لكنني أحبُّ بودلير
أقترحُ على أصدقائي كل ليلةٍ
ألا يناموا دونَ كأسينِ من الشيفازِ
على الأقل كأسين من الشيفاز أو الفودكا
وأعدهم بمعجزةٍ إذا رقصوا على إيقاعِ
No Woman.. No Cry

 لم أولد في بار حتماً
لكنني أبكي بورعٍ
أتحدثُ إلى الطاولةِ كامرأةٍ خائنةٍ
ربما لم يحدثْ من قبل
أن بكى رجلٌ طاولةً خائنةً
وتعقبَ سيرةَ أجدادها
في غاباتٍ بعيدةٍ

يمكنني أن أخدعكمْ وأقول:
1104
شقةٌ وسيعةٌ بطابقينِ
تطلُّ على نهرٍ أو خليجٍ
يمكنني أن أكذب
وأدعي أن الرخامَ ملونٌ
وأن عشرين امرأة
رغبنَّ في البقاءِ إلى جواري
لأنني أتحدثُ مع أثدائهنّ
 في هذيانٍ غريبٍ

يمكنني أن أروي لكم
كمْ مرةً بكيتُ وأنا أغني:
" تتصوري
لا عمري ح أقدر ع الفراق
ولا انت عمرك تقدري
لسه حنيني بيندهك رغم البعاد
ولسه زهرة حبنا بتطرح معاد
لكن بيغرق حلمنا ف بحر السكات"

يمكنني أن أقول
إن أحداً في هذا العالم
في الشارع المقابل
لا يعلم أنني ألعنُّ حبيبتي بالغناءِ

يمكنني أن أروي الحقيقة
فتقولون: يا ألله كمْ يكذبُ
ولهذا
سأطلبُ بالهاتفِ عشرةَ أئمةٍ
وعشرة قديسين
وعشرة حاخاماتٍ
وأعترف أمامهم بذنوب حبيبتي

أيها الأئمةُ
 والقديسونَ
 والحاخامات 
شقتي صغيرةٌ ومتواضعةٌ
لا تدخلها الملائكة إلا فرادى
غالباً ما يجيء الملاكُ
ثم يغرق بعد العتبةِ بخطوتين
هكذا يخطيء من يزورني
في نهايةِ الأسبوعِ
لأنني أبكي بجدارةٍ
حين تموتُ حبيبتي
أصنعُ محيطات عميقة
بعد نصف زجاجة شيفاز
وحين أنام أود لو تغمرني
طالما أنها ذنوب حبيبتي العميقة

أيها الأئمة والقديسون والحاخامات 
كلما ماتتْ حبيبتي
حفرتُ قبراً في البيت
وبكيتُ فوقه
ولهذا يصعب الآن
أن أذهب إلى المطبخ
دون القفز ما بين محيطٍ وآخر
وفي أعماقي البعيدة
أريد السقوطَ والغرق
لكن جسدي لا يطاوعني
وطبيب العظام يسألني
كيف تخلصتُ فجأةً من آلام الظهرِ
وأصبحتُ رشيقاً بما يكفي
لأنجو من الموتِ
مئةَ مرةٍ في اليوم؟

ألا ترون
كيف يتآمر جسدي مع حبيبتي
كيف يخونني
ويجيد القفز والنجاة 

حسناً
لا تخبروا أحداً
سأخدعُ جسدي ذاتَ ليلةٍ
سأقول: هيا، علينا الذهاب إلى المطبخ
وفوق محيط ما
 سأدخرُّ له عاصفةً
بعدها
لن يكون بمقدوره معاقبتي
أوالاتفاق مع حبيبتي
على خذلانٍ جديدٍ

لا تخبروا أحداً، خصوصاً أصدقائي: ياسر الزيات، ثاني السويدي، عادل خزام، سامر أبوهواش، لأنهم  متفائلون كالملوك
ويفسرون الأمور كالتالي:
-  الحبُّ: فيروسٌ أناني 
- المحنةُ: تأويلُ الآخر

دعوني أقول لكم
لم ينقذني البكاء على جميلة
من قسوة جميلة
ولا كتاب الدعاء المستجاب
من الجيم التي أرفعها كل صباحٍ
على كتفي
لذا اشتريتُ بوتاجازاً بخمسِ شعلاتٍ
لأجد أحدأً أتحدثُ معه
 كلما ماتت حبيبتي
ولهذا أصبح لدي أصدقاء كثيرون
وبضع لوحاتٍ لنساءٍ عارياتٍ
أصدقائي ليستْ لهم تجاربَ سابقة
مع الخيانة
عدا بعض الأعطالِ الصغيرةِ العابرةِ

أصدقائي متفانون في خدمتي
كلما فكرتُ في تأجيرِ شقتي
رأيتُ الودَّ الذي بيننا
رأيتُ كيفَ يجهزونَ أرواحهم
للموت بلا مقابل
فقط لكي يقولوا: نحن معك

أيها الأئمة
 والقديسون
 والحاخامات
افتحوا الطريق إلى السماء
توسطوا لروحي في صلواتكم

أيها الأئمة
 والقديسون
 والحاخامات
صدقوني..
مثلي جدير بالرأفة والاهتمام
لأن حبيبتي فقأتْ عيني
وأكلتْ لساني
دون استناد إلى نصٍ مقدسٍ